m
icon
icon
مارس 19, 2022

“أيام الشارقة التراثية” في دورتها الـ19: عدد الزوار خلال الأسبوع الأول يتخطى مايقارب 102 ألفاً

كشف سعادة الدكتور عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث رئيس اللجنة العليا أن فعاليات الأسبوع الأول من المهرجان استقبلت في قلب الشارقة والمناطق الشرقية والوسطى، نحو مايقارب 102 ألف زائر، والذين حضروا إلى ساحة التراث من مختلف أنحاء إمارة الشارقة ودولة الإمارات، ودول العالم، وقال في هذا الإطار:
"نحن سعداء جداً باستقبال هذا العدد الكبير من الزائرين والمهتمين بالتراث والموروث الثقافي والشعبي الإماراتي والعربي والعالمي، والاحتفاء بأدواته ومفرداته، ما يؤكد النجاح المتزايد لهذا المهرجان، والذي يقدم باقة متجددة من الفعاليات التي تتيح الفرصة للحضور للاستمتاع بالأجواء الجميلة في مواقع الفعاليات، كما يعكس تسابق الصغار والكبار على المشاركة في الأيام، والإعجاب الكبير الذي يحمله كل واحد منهم بأجواء الماضي المميزة وفخرهم بماضي أجدادهم وآبائهم وربطه بالحاضر بكل ثرائه والمستقبل بكل آماله".
وأشار المسلم إلى أن يوم الخميس تميّز بحضور أعداد كبيرة من الزوار الصغار إلى ساحة التراث، والذين استمتعوا بفعالية "حق الليلة" أو "ليلة النصف من شعبان"، التي نظمتها الأيام خلال ساعات المساء، وتضمنت العديد من التوزيعات على الأطفال، ترسيخاً لهذه العادة التراثية الجميلة، مضيفاً أن اللجنة العليا للأيام حرصت على توفير كافة التسهيلات للزوار وتقديم الفعاليات المتجددة التي تجعل لكل يوم أجواء ممتعة خاصة.

القصيدة النبطية الإماراتية.. كيان ثري في بنائه وأساليبه وأغراضه
من جهة أخرى، حظي المهتمون بالشأن الثقافي بمحاضرة تناولت القصيدة النبطية الإماراتية ومكوناتها من حيث البناء والأساليب والأغراض.
شارك في المحاضرة كل من الباحث والشاعر الإماراتي محمد نور الدين والباحث الإماراتي في التراث والشعر فهد المعمري، والكتاب محمد نجيب قدورة، وأدارها الأستاذ محمد حمدان من إدارة المحتوى والنشر في معهد الشارقة للتراث.
وقد ركزت المحاضرة على استعراض مختصر للتعريف بالشعر النبطي الإماراتي، ومسيرته الطويلة والبيئات المختلفة التي أنتجته، وأبرز الشعراء الذين أبدعوا في هذا الفن الشعبي الذي على من سماته المحلية ظل مرتبطاً بقوة في مسيرة الشعر العربي من حيث تطور الأغراض والمضامين، والبناء الأسلوبي والموسيقي.
استهل نور الدين الجلسة بالحديث عن مميزات الشعر النبطي الإماراتي والقوالب التي أنتج فيها، وأكد أن تصنيف الشعر النبطي يختلف تبعًا لطريقة نظمه، من حيث الوزن، والقافية، حيث يصنف هذا الشعر إلى عدة أنواع ومسميات منها القصيدة المهملة والمضمومة والمثلوثة والمربوعة، والمنسوبة، والألِفية، والمبنية، وصولاً إلى قصيدة التفعيلة، كشكل شعري رآه نور الدين ظهر في السبعينيات من القرن الماضي وتأثر بشعر التفعيلة العربي.
واستعرض نور الدين طريقة بناء كل نوع من القصائد أعلاه، مع قراءة نماذج شعرية منها، حازت إعجاب الجمهور وثناءهم.
أما فهد المعمري فأعرب في مداخلته عن أهمية موضوع الشعر النبطي الإماراتي، وهو ما أدركه مبكراً معهد الشارقة للتراث من خلال الاهتمام بالبحث والدراسة والنشر بكل ما يخص هذا الفن الشعري الغني، ورأى أنه لا يمكن فصل القصيدة النبطية الإماراتية بأي حال من الأحوال عن مسيرة الشعر العربي وتطوره، وركز المعمري في ورقته على الأساليب الشعرية في الشعر النبطي الإماراتي، وبدأها بتعريف كلمة "الأسلوب" لغة وبين أنه عبارة عن سطر النخيل الممتد على خط واحد، وأيضا هو الطريقة والنهج، وعدد المعمري عددًا من الأساليب البنائية التي تميزت بها القصيدة النبطية الإماراتية، منها الأسلوب الحواري والقصصي، والفكاهي، والوصفي، والتقريري، والبنائي، حيث أتحف الحضور بأمثلة شعرية لكل نوع من هذه القصائد الإماراتية.
وأشار إلى أن للقصيدة الإماراتية أساليب تختص بافتتاح القصيدة واختتامها، وهو ما ذكره في كتابه الموسوم بـ(بناء القصيدة النبطية الإماراتية)، مضيفاً بأن الأغراض التي تناولها شعراء النبط الإماراتيون مختلفة، فمنها المدح والرثاء والفخر والوصف والغزل والنسيب والاشتياق وغيرها، وهي ليست بمنأى عن الأساليب وكذلك المفردات الدالة المستخدمة حيث إن كليهما يحتمان استخدام أساليب معينة، ومن خلال ذلك أيضاً يمكن تصنيف شعراء القصيدة النبطية الإماراتية.
فيما تحدث نجيب قدورة عن علاقة التراث بالمستقبل، واعتبر أن الحديث عن التراث هو حديث عن المستقبل، فالماضي حالة من حالات الاستمرار والتطور نحو المستقبل، ورأى أن المتتبع للشعر النبطي الإماراتي يجده غنيًا بالصور التراثية التي تعكس فضاءات المكان في الدولة، وأنماط الحياة المتبعة، وأشكال التقاليد والعادات التي مارسها أهل المنطقة، فمن خلال المنتوج الشعري النبطي، يمكن للدارسين تتبع صيرورة الحياة في الإمارات وكيف انتقلت من فضاءات واسعة مفتوحة إلى فضاءات المدينة المغلقة، فكانت المضامين الشعرية غزيرة بهذا التنوع ومصدرًا مهمًا للدارسين والباحثين في الشأن التراثي، فالشعر وما يحمله من كثافة تصويرية، قدم لنا تراثاً إماراتياً ثرياً بأنواعه المختلفة مثل الشعر البحري والجبلي والواحاتي، فكان متنوعًا بتنوع البيئات التي نشأ فيها إنسان الإمارات.

"فن الفجري".. يحكي صدى المجاديف البحرينية
ضمن سلسلة البرامج التعليمية والأكاديمية التي يعقدها مركز التراث العربي بالمعهد، قدم الكاتب والباحث البحريني إبراهيم راشد الدوسري محاضرة آسرة تحدث فيها عن "فن الفجري" البحريني والمدرج على القائمة التمثيلية للتراث الإنساني والموروث الثقافي العالمي في منظمة اليونسكو، حيث طاف الباحث القدير بالحضور في جولة شيقة حول هذا الفن الأصيل الذي طالما أداه الغواصون والبحارة بأصواتهم العذبة ودفوفهم الصاخبة بعد عودتهم من رحلات الغوص قديماً، ليعبروا عن فرحتهم الغامرة بسلامة العودة ويلتقطوا أنفاسهم المنهكة ويجدوا الراحة بعد تعب ومشقة الرحلات الصيفية الطويلة التي كانت تمتد قرابة أربعة أشهر وعشرة أيام.
وأوضح المحاضر أن الدور البحرينية كانت تضج بهذا الفن العريق الذي يتكون من 5 فصول أو فنون هي البحري والعدساني والحدادي والمخولفي والحساوي، وتستخدم فيها الأدوات الإيقاعية مثل الطبل والطار وغيرهما، وتؤديها مجموعات وفق تنظيم وتوزيع معين فيما بينهم، بحيث تغني كل مجموعة جملة محددة خاصة بها فيما تجيب عليها المجموعة الأخرى بجملة ثانية في ذات السياق، وهكذا دواليك.
وفصّل المحاضر حول أوجه الشبه والاختلاف بين هذه الفنون الخمسة والطابع المرتبط بكل فصل، والتنزيلات والمواويل الخاصة بها، كما أشار لأهم أعلام فن الفجري في البحرين، وأشهر الحفظة للتنزيلات، وأشهر الراقصين أو ما يطلق عليهم باللواعيب، بالإضافة إلى أشهر عازفي الإيقاعات (اللزامات)، وأسماء الدور والحالات الشعبية التي كانت تحتضن هذا الفن الغنائي الساحر في البحرين.
واختتمت المحاضرة بقصيدة جميلة ألقاها الشاعر البحريني إبراهيم المنسي، أهداها إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ووجه من خلالها رسالة حب وعرفان من البحرين وشبعها إلى الشارقة وقائدها وأهلها.
مستقبل الأرشيف
كما استضاف جناح مركز التراث العربي، الباحث والمتخصص في شؤون الأرشيف حمد المطيري مدير إدارة الأرشيفات في الأرشيف الوطني بدولة الإمارات، حيث ركز في محاضرته على الحديث حول أساسيات الحفظ والأرشيف التي نطمح إليها في سبيل المحافظة على الإرث التاريخي العريق والحافل الذي تعج به صفحات وربوع المنطقة بشكل عام ودولة الإمارات بشكل خاص.
وشرح المطيري وبشكل موجز منهجية العمليات المتعلقة بجميع مراحل المعالجة الفنية للمخطوطات من حيث الترميم والرقمنة والفهرسة، لافتاً إلى أن الهدف الأسمى من هذه الجهود والمبادرات والمشاريع كافة هو إتاحة المواد التراثية والعلمية للمستفيدين ومتخذي القرار.
وانتقل المحاضر إلى الحديث عن أهمية الأرشيف الرقمي وتوجه الحكومات بشكل واضح وواسع إلى مشاريع التحول الرقمي والإلكتروني ومواكبتها، ومن ذلك توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة في مجال الأرشفة والتوثيق، وهو ما يتطلب تبني وتنفيذ المزيد من البرامج التدريبية والأكاديمية لتأهيل وتمكين العاملين في هذا القطاع، وهو ما يجعلهم أكثر قدرة وجاهزية لاستيعاب متطلبات هذا العصر بكل تغيراته ومتغيراته، لا سيما وأن الأرشيف بات اليوم رافدًا أساسياً يسهم في دعم القرارات وإنجاح المشاريع لدى الحكومات الناجحة المرتكزة على الماضي في تطلعها إلى المستقبل، فلا يمكن التخطيط للمستقبل دون الرجوع إلى الأرشيف الصحيح والدقيق.

سلسلة بنات البراري تطلق أولى إصداراتها
حظي الأطفال في ركن المدرسة الدولية للحكاية بجناح قرية الطفل في ساحة التراث باقتناء نسخة من قصة (زهرة الله "التيوليب") ضمن أولى سلسلة قصص بنات البراري من تأليف الباحثة والكاتبة القديرة شهرزاد العربي، حيث قامت بإهداء الأطفال وذويهم نسخاً بتوقيعها من هذه القصة الجاذبة بمادتها وألوانها ورسوماتها المختلفة.
وأوضحت شهرزاد العربي أن القصة هي أولى القصص ضمن سلسلة ستتناول النباتات والزهور وأثرها في حياة الإنسان وكيف غيرت في تاريخه الطويل عبر الإنسان.
وأضافت أن القصة تستند إلى فكرة تاريخية مشوقة للأطفال واليافعين، وتنطلق من جانب علمي لا يخلو من أسلوب الدراما والإثارة، مع الاهتمام [تركيب الأحداث التاريخية على هذه الفكرة، وبطريقة يحبها الأطفال واليافعون تناسب مرحلتهم العمرية بعيداً عن الكلمات الصعبة.
وأشارت إلى أن التيوليب زهرة يعود أصلها إلى براري أوساط آسيا، ثم أصبحت زهرة محبوبة لدى الشعوب التركية منذ القدم، وانتقلت منها إلى الهولنديين، حيث اعتبرها الأتراك رمزاً لديهم وحظيت باهتمام السلاطين، فتيمنوا بها وجلبوها معهم في حروبهم وغزواتهم لدرجة أن وصل الأمر إلى منع بيعها، وأضافت أن الأجزاء القادمة من سلسلة هذه القصة ستكون أيضاً ذات علاقة بالنباتات مثل الزهور والأشجار في سرد قصصي يقارب التطور التاريخي عبر الزمن.
ودعت العربي إلى تكثيف القوالب الأدبية التي تسهم في ربط الأطفال بالنباتات وإعادة الاهتمام بها والتعرف عليها، نظراً لأهميتها في حياة الإنسان، وهو أمر نلاحظه حاز على اهتمام القيادة الرشيدة في الإمارات ومن ذلك الاهتمام بشجرة الغاف، منوهة بأن لكل شعب موروثاته الثقافية والتراثية سواء فيما يخص النبات أو الحيوان أو المباني أو المقتنيات الأخرى.
من جهتها قالت الفنانة واختصاصية الجرافيك والتصميم زبيدة قحطان الطلاع والتي تعمل في معهد الشارقة للتراث مصممة الهوية البصرية، أنها قامت برسم وتصميم هذه القصة الجميلة، حيث استلهمت أفكار الرسومات من محتوى هذه القصة وصقلت صفحاتها بتصميم غير تقليدي، يراعي خصوصية الرسم في قصص الأطفال ومتطلبات الزمان والمكان ونوعية الشخصيات، ومعاني المفردات الواردة في القصة