مارس 21, 2022
(وادي الحلو) تقص شريط فعالياتها في أيام الشارقة التراثية الـ19
انطلقت أمس أيام الشارقة التراثية في دورتها الـ19 في وادي الحلو، بحضور الشيخ هيثم بن صقر القاسمي، نائب رئيس مكتب سمو حاكم الشارقة في كلباء، ووالي وادي الحلو، خميس بن سعيد المزروعي، وسعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العليا لأيام الشارقة التراثية، وعدد من مسؤولي الدوائر والمؤسسات الحكومية في المنطقة الشرقية، في ظل إقبال حيوي لافت من قبل الزوار وعشاق التراث الذين تنقلوا في مختلف أنحاء القرية التراثية، وأعربوا عن إعجابهم واستمتاعهم بالفعاليات والبرامج والأنشطة التراثية.
وقال الشيخ هيثم بن صقر القاسمي، نائب رئيس مكتب سمو حاكم الشارقة في كلباء: نلتقي مجدداً في وادي الحلو حيث افتتاح أيام الشارقة التراثية، ليكتمل عقد الافتتاحات في المنطقة الشرقية، حيث كنا قبل ذلك في خورفكان وكلباء ودبا الحصن، ونجدها مناسبة لنقدم الشكر الجزيل لمعهد الشارقة للتراث على تنظيمه هذه التظاهرة التراثية الكبرى، التي تعم مختلف مدن ومناطق الإمارة، ولا يخفى على أحد أهميتها ودورها الكبير في غرس الأصالة والانتماء لهذا الوطن، والشكر موصول للفرق التطوعية التي تشارك في هذه الفعالية التي تلقى إقبالاُ حيوياً لافتاً.
وأشار إلى أن شعار أيام الشارقة التراثية "التراث والمستقبل"، وهو عنوان كبير يربط الماضي بالحاضر بالمستقبل، لافتاً إلى أن لكل مدينة طابعها التراثي الخاص وتنوعه وثراءه، ما يعكس غنى التراث الإماراتي وعراقته.
وتابع: في كل عام تبهرنا الأيام بالجديد في عالم التراث، وما يفرحنا وجود هذا التفاعل والحضور الحيوي من الجيل الجديد ومن الأطفال، الأمر الذي يركز عليه دوماً صاحب السمو حاكم الشارقة، حيث نعمل جميعاً على تنفيذ وترجمة رؤيته وتوجيهاته.
وبدوره، قال خميس بن سعيد المزروعي، والي منطقة وادي الحلو: أيام الشارقة التراثية فعالية تراثية ثقافية ضخمة ومميزة، تعم الإمارة الباسمة كل عام، ولنا هنا في وادي الحلو بتوجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة نصيب في هذه التظاهرة التراثية الكبرى، التي تلقى تفاعلاً كبيراً من السكان والأهالي في المنطقة، حيث أصبحت قرية التراث في وادي الحلو محطة لقاء وتعارف وتفاعل، واستحضار التراث بمختلف ألوانه وعناصره ومكوناته، يلتقي الجميع هنا، وينتظرون الفعاليات بشغف.
وادي الحلو بيئة جاذبة
وقال سعادة الدكتور عبدالعزيز المسلّم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العليا لأيام الشارقة التراثية التاسعة عشرة، نفرح كثيراً عندما نجد احتفالات وفعاليات أيام الشارقة التراثية تحط رحالها في منطقة وادي الحلو، استناداً إلى تنفيذ توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، في أن تكون الأيام حاضرة في كل مناطق ومدن الإمارة الباسمة.
وتابع: منطقة وادي الحلو جميلة ببيئتها وجغرافيتها، ولها من اسمها نصيب كبير، وهنا تكون الفعالية التراثية ذات طابع خاص، فيها جغرافيا خاصة، وفيها تجمع اجتماعي ثقافي مميز، وبيئة جميلة جاذبة.
وأوضح أن أيام الشارقة التراثية تسهم في تعريف الجيل الجديد بماضي الآباء والأجداد، ومن خلال الفعاليات والأركان المتنوعة في الأيام يستطيع الزائر من خلالها التعرف إلى حقيقة الماضي والتراث الأصيل وطبيعة الحياة في تلك المرحلة، كما أنها بما تقدمه من فنون ورقصات شعبية تسهم في إدخال البهجة والفرح والسرور إلى كل من يتابع ويشاهد ويستمع لتلك الأنماط الفنية الجميلة، وفي الوقت نفسه تعرف الجيل الجديد إلى الفنون الشعبية والفولكلور الشعبي الجميل المملوء بالموسيقى العذبة واللحن الجميل والكلمات المعبرة، وهذا ما نسعى إليه في معهد الشارقة للتراث.
المؤسسات الثقافية تبرز بصمتها في دعم التراث والهوية
وفي مدينة الشارقة، شهد المقهى الثقافي جلسة ثرية تناولت دور المؤسسات الثقافية في الإمارات وربطه بمستقبل التراث حفظاً ودعماً وانتشاراً، وشارك فيها كل من الباحثة فاطمة المنصوري بمركز زايد للدراسات والبحوث التابع لنادي تراث الإمارات، وسالم المعمري من جمعية الإمارات لكبار المواطنين، والباحثة الإماراتية مريم الكندي، وأدارها محمد حمدان من معهد الشارقة للتراث.
في بداية الجلسة أكدت فاطمة المنصوري أن العلاقة بين المؤسسات الثقافية والمستقبل موضوع يتسم بالراهنية والأهمية، إدراكاً لأهداف لضرورة ربط الحاضر بالمستقبل معالجة التحديات التي تواجهها المؤسسات في سبيل تحقيق أهدافها بشكل أفضل.
واستعرضت المنصوري أمام الجمهور أهم معالم تجربة وإنجازات نادي تراث الإمارات وأهم ما تبنته من مبادراته والإنجازات المحققة، لافتة إلى أن رؤية النادي تتسق مع رؤية الدولة في الاهتمام بالتراث والثقافة باعتبارهما رافدين مهمين من روافد الثقافة الوطنية، وهو ما عكسته مبادئ الخمسين للدولة والتي تضمنت التركيز على منظومة القيم القائمة على التسامح والانفتاح مع الآخر، ووتعزيز قيم المحافظة على الاتحاد وتقويته، وتقوية عنصر الرأسمال البشري، وإزاء ذلك يجب أن تقوم المؤسسات الثقافية بترجمة هذه المبادئ على أرض الواقع، من خلال تعزيز الهوية الوطنية في نفوس الناشئة وفي نفوس الأجيال.
وتناولت المنصوري بشيء من الإيجاز أهم فعاليات النادي ومن ضمنها الملتقيات التراثية مثل ملتقى السمالية وملتقى الثريا الربيعي، وبطولة تحدي زاجل، ومبادرة درب الأوليين مع وزارة التربية والتعليم، مؤكدة حرص النادي على مواكبة توجهات التحول الرقمي والتقني، حيث تم اعتماد خطط حديثة لإتاحة المصادر والكتب الرقمية للجمهور تحت منصة (تراث) الرقمية للتعريف بتراث الإمارات تحت مظلة واحد وتحت منصة واحدة تصبح مرجع للأجيال للباحثين للمهتمين للخارج.
وتناولت المحاضرة دور النادي وبالتعاون مع الجهات الحكومية الأخرى في جعل من العاصمة الإماراتية مركزاً ثقافياً يتوازى وأهميتها السياسية والتنموية والاقتصادية العالمية المعروفة، وجعل العاصمة أبوظبي جسراً للتواصل بين الحضارات والحوار بينها، فضلاً عن التعاون في تسجيل الكثير من عناصر التراث الاماراتي كتراث انساني عالمي.
وأما السيد سالم المعمري فقد تحدث عن دور جمعية الإمارات لكبار المواطنين في المحافظة على الموروث والتراث من خلال الاهتمام بمتطلبات واحتياجات كبار المواطنين والمتقاعدين، باعتبارهم من صنعوا حاضرنا وشاركوا في بناء هذه الدولة وأنهم يمتلكون معارف وخبرات وتجارب جديرة بالصون والنقل للأجيال الجديدة في سبيل المحافظة على شيخوخة نشطة ومنتجة لجيل الآباء والأجداد، مشيراً إلى أن اهتمام الجمعية بكبار المواطنين ذو مسارين أحدهما قبل التقاعد وآخر بعد التقاعد وفي كل مسار مجموعة من الأنشطة والبرامج والفعاليات المناسبة والتسهيلات الداعمة لهم، ومن ذلك إطلاق نادي (بركة الدار)،
من ناحيتها، تحدثت الباحثة الإماراتية مريم الكندي عن كتابها (جزيرة قيس.. دراسة في الأحوال السياسية والحضارية) والذي أصدره معهد الشارقة للتراث، حيث ألقت الضوء على أهم محاور هذا الكتاب التأريخي حول الجزيرة باعتباره موقعاً جغرافيًا مهمًا في تاريخ الخليج العربي، مستعرضة أصل تسمية الجزيرة وموقعها في التاريخ القديم وآثاراها، وكيف تطورت الجزيرة سياسياً عبر التاريخ في ظل مجموعة من الممالك والسلطات التي حكمت الجزيرة ومن ضمنها السلاجقة والإلخانيين، وطبيعة تكوينها لعلاقاتها الخارجية وخلفيات ضم الجزيرة لاحقاً إلى مملكة هرمز، كما تناولت الباحثة الأوضاع الاقتصادية والثقافية والاجتماعية للجزيرة وعوامل ازدهارها الاقتصادي وما تميزت به من تجارة خارجية قوية وأسطول بحري مكين.
واختتمت فعالية الجلسة بتوقيع هذا الكتاب الجدير بضمه إلى رفوف المكتبة التاريخية والثقافية العربية.
التراث الموريتاني في ضيافة البيت العربي
استضاف البيت العربي في ساحة التراثي الدكتور سيد أحمد عبدالقادر بونعامة الأستاذ الجامعي في معهد الدراسات والبحوث الإسلامية في موريتانيا، في محاضرة تحدث فيها عن عناصر التراث الموريتاني المدرجة في القائمة التمثيلية لمنظمة اليونسكو.
وأكد المحاضر على أهمية تسجيل الدول لموروثاتهم الثقافية المادية وغير المادية على قوائم اليونيسكو، كونه يتعلق بصيانة هذا الموروث وضمه رسمياً إلى مجموعة عناصر التراث العالمي.
وأشار إلى أن موريتانيا تزخر بالكثير من المعالم الثقافية الهامة التي نشأت على حضارة موغلة في القدم، حيث صنفت اليونسكو عام 1989 مجموعة من هذه المعالم ضمن التراث الإنساني ومن ذلك مجموعة من القصور والمدائن التراثية في المدن القديمة، كما تم تسجيل الأدب الملحمي على قوائم التراث العالمي عام 2011، فضلاً عن العناصر التي تم تسجيلها على القوائم الإرشادية. حيث تم إدراج بعض المدن التاريخية الهامة على مثل هذه القوائم.
وأكد عبدالقادر أن تسجيل المواقع كتراث عالمي يجسد وجود مجالات إنسانية عالمية مشتركة ينبغي المحافظة عليها، ما يحتم علينا المحافظة على الابتكارات التي أنتجها آباؤنا وأجدادنا الأوائل في مختلف مناطق البلاد العربية والإسلامية، كونها نتاج وثمرة تلاقح مجموعة من الثقافات والحضارات التي مثلها ساكنوا هذه البلاد، مشيراً إلى أن بعض الفنون المعمارية هي من ابتكار الأشخاص وأخرى نتيجة عوامل طبيعية أو ثقافية معينة، وأشاد المحاضر بأيام الشارقة التراثية معرباً عن فخره وسعادته بهذا النجاح الهائل عاماً بعد عام وبإسهام ومتابعة دائمتين من حكومة الشارقة وقيادتها الرشيدة، وهو ما يترجم عبر الأدوار الجليلة والجلية من معهد الشارقة للتراث، وهو بحق نموذج فريد من حيث التنظيم والمحتوى والعرض والتنوع.
الحرف التراثية رافد اقتصادي
عقد البيت الغربي في قلب الشارقة، وضمن سلسلة البرامج الأكاديمية والتعليمية للأيام، محاضرة ركزت على الحرف التراثية وآثرها على الاقتصاد العالمي، تحدثت فيها الدكتورة مها الدوري العضو الأكاديمي في معهد الشارقة للتراث.
واستهلت الدوري محاضرتها بالحديث عن مفهوم الحرف التراثية والصناعات اليدوية وأهميتها، ثم انتقلت لبيان تأثير هذه الحرف ودورها المهم على الاقتصاد بشكل أساسي ثم الحياة الاجتماعية والمهنية والثقافية في المجتمع بشكل عام.
وأكدت المحاضرة على وجود علاقة وثيقة بين هذه الحرف والصناعات وهوية وتراث المجتمع، مستعرضة تقسيمات الحرف التراثية حسب البيئات خاصة في مجتمع دولة الامارات بما فيها البحرية والصحراوية والجبلية والزراعية، ولكل بيئة مفرداتها ومهنها التي تميز الحرف القائمة فيها عن غيرها، ومن ثم تتغير المنتجات والصناعات اليدوية من بيئة لأخرى.
وأشارت الدوري إلى أن الكثير من الصناعات والحرف اليدوية تسهم في إيجاد مصادر دخل جديدة للأفراد، كما تسهم في خلق المزيد من فرص العمل عبر تحفيز الأيدي العاملة كونها مجالات ذات بعد بشري وابتكاري لا يمكن أن تطغى عليها الآلات والمعدات الجديدة كما هو الحال في بعض الوظائف الإدارية والتكنولوجية، فضلاً عن إمكانية تطوير العديد من المنتجات والصناعات اليدوية وتصديرها إلى الخارج لتعكس هوية الدولة وتستقطب المزيد من السياح إلى الإمارات،
واختتمت الدوري محاضرتها ببيان بعض التحديات التي قد تقف حائلاً دون ازدهار وانتشار الحرف اليدوية ومنها الأثر الثقافي للحداثة والعولمة الاقتصادية، حيث إن إدخال الآلات الحديثة قلص من الأيدي العاملة في هذا المجال، كما تغيرت اتجاهات الشراء والاقتناء لدى بعض فئات المجتمع من خلال استخدام المنتوجات والأدوات الصناعية غير اليدوية سواء في الأثاث أو الاكسسوارات والمقتنيات الأخرى، مؤكدة أن العالم من الطبيعي أن يتغير وتتغير معه أذواق الناس، لكن علينا أن ننعش هذه الحرف ونستقطب مجالات التمويل المعنوي والمادي لها وبالمقابل نعزز قيمة الحرف التراثية ومنتجاتها في نفوس أفراد المجتمع ونحفزهم على التمسك بها بالتوازي مع المنتجات الحديثة، فضلاً عن التنويع في مجالات التسويق وزيادة عنصري الجذب والابتكار فيها، بحيث تواكب هذه الحرف والصناعات الجانب الحداثي فيها مع المحافظة على الأصل بحيث تكون مناسبة لاختيارات الجيل الحالي وقابلة للاستمرار في المستقبل، داعية إلى توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لتكثيف الوعي إعلامياً بهذه الحرف والصناعات ومن يعمل بها وعقد المقارنات المرجعية والاطلاع على أفضل الممارسات العالمية في كيفية الترويج عن الحرف اليدوية.