مارس 20, 2022
هيثم القاسمي يفتتح فعاليات أيام الشارقة التراثية في كلباء
شهد الشيخ هيثم بن صقر القاسمي نائب رئيس مكتب سمو الحاكم بكلباء افتتاح فعاليات "أيام الشارقة التراثية" في دورتها الـ19، وبحضور سعادة الدكتور عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث رئيس اللجنة العليا المنظمة، وسعادة الدكتور سليمان سرحان الزعابي رئيس المجلس البلدي لمدينة كلباء، وجمع غفير من كبار المسؤولين والجمهور الذي توافد من مختلف مدن ومناطق الساحل الشرقي.
وقال أحمد محمد الدح، منسق افتتاحات أيام الشارقة التراثية في المنطقة الشرقية: "إن الفعاليات التراثية الرائعة في القرية التراثية ستستمر لغاية 25 مارس الجاري، حيث سيتاح للجمهور الاستمتاع بسلسلة متنوعة من فنون التراث والموروث الشعبي بما فيها من عروض وأهازيج ورقصات شعبية وفلكلورية وحرف تقليدية ومسابقات وألعاب شيقة للأطفال، كما يمكنهم تجربة الأطباق والمأكولات التي تعرضها 15 مطعماً من خلال الأركان والأجنحة المشاركة في المهرجان فضلاً عن مساحات رحبة للمعروضات الشعبية الأخرى والمقتنيات التراثية النادرة، بالإضافة إلى فرصة التعرف على مفردات ومكونات البيئات الإماراتية الأربعة البحرية منها والزراعية والجبلية والساحلية ومختلف المواقع التراثية".
وأضاف الدح: يحظى مهرجان هذا العام بمشاركات متنوعة ونوعية من مختلف الدوائر والمؤسسات الحكومية تحت سقف القرية التراثية في كلباء، حيث يشارك في فعاليات الأيام نحو 18 دائرة حكومية بأنشطة وبرامج متنوعة، فيما تشارك 20 أسرة منتجة بأركانها الخاصة بها، إلى جانب مشاركة 3 متاحف خاصة للمواطنين، في حين سيكون الجمهور طوال الأيام على موعد مع جرعات نقاشية في فنون الثقافة والتراث والفكر في المقهى الثقافي، حيث الندوات الأدبية والمحاضرات القيمة، أما قسم الإدارة الأكاديمية فيقدم تعريفًا وافيًا بالإدارة ودورها وبرامجها، سواء في ترميم المخطوطات أو غيرها، وهناك أيضاً قسم الإرشاد السياحي لمدينة كلباء، وقسم الجمع الميداني الذي يعمل على جمع المعلومات من كبار السن.
(أدب السيرة الشعبية العربية) ثاني إصدارات سلسلة عالم التراث
في إطار جهود معهد الشارقة للتراث لإغناء المكتبة العربية بالإصدارات التراثية الحديثة والقديمة، وضمن خطة النشر وصناعة الكتاب في المعهد، شهد المقهى الثقافي إطلاق ثاني إصدارات سلسلة "عالم التراث"، والتي أعلن المعهد مؤخراً عن بدء إصدارها، وهي سلسلة مستحدثة يديرها الكاتب والناقد المصري إيهاب الملاح، ضمن مجموعة من السلاسل التراثية التي سيطلقها المعهد تباعاً هذا العام، بهدف إثراء وتنوّع المحتوى التراثي وشموله، حيث تقوم فكرة هذه السلسلة الجديدة على انتخاب مجموعة من العناوين المهمة للكتب القيّمة لأعلام التراث والثقافة في العالم العربي، بهدف بعثها وإعادة إحيائها ونشرها، وجعلها من جديد في متناول القارئ بعد مرور سنين طويلة من إصدارها أول مرة.
وجاء الإصدار الثاني من هذه السلسلة تحت عنوان (مدخل إلى أدب السيرة الشعبية العربية- الجزء الأول) للروائي والباحث فاروق خورشيد رحمه الله، ويتناول الفولكلور والإبداع الدرامي، والسيرة الشعبية والإبداعات الشعبية، حيث قام الكاتب إيهاب الملاح بتوقيع الإصدار الجديد للكتاب وإهدائه لجمهور المقهى الثقافي.
معالم المستقبل يرسمها التراث الأصيل
ضمن سلسلة الجلسات النقاشية اليومية التي يثري بها المقهى الثقافي زوار ساحة التراث في منطقة قلب الشارقة، أكد كل من الباحث والكاتب الإماراتي الدكتور حمد بن صراي، أستاذ التاريخ القديم بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الإمارات، والباحث والكاتب والإعلامي الجزائري الدكتور خالد عمر بن ققة، والباحث الإماراتي علي حسن آل غردقة، أن التراث لبنة وأداة أساسية في رسم معالم المستقبل وتشكيل ملامحه الرئيسة من خلال ترسيخ الجذور الصحيحة والانطلاق الراسخ من أساس قويم، يجعل من المعرفة الواعية مرتكزاً له في تجاوز النظرة السلبية المتعالية على نتاجه السابق عبر العصور، والانتقال إلى ما يمثله هذا التراث من قيمة تشاركية تزيد من اللحمة الاجتماعية وتحفظ عادات وتقاليد المجتمع وموروثه.
جاء ذلك خلال الجلسة نقاشية التي أدارها الدكتور مني بونعامة، مدير إدارة المحتوى والنشر في معهد الشارقة للتراث.
حيث أوضح بن صراي في مشاركته التي جاءت تحت عنوان "نشر الموروث الشعبي في المجلات العربية المتخصصة" أنه من خلال عمله الأكاديمي في جامعة الإمارات، وقف على ما تعج به مكتبة الجامعة من دوريات عربية قديمة تحدثت عن التراث الشعبي العربي عموماً ومن ضمنها الإماراتي. فمن خلال قيامه بتصفح هذه المطبوعات بصورة علمية متأنية ودقيقة وقف على ثراء معلوماتي هائل حول التراث وقضاياه، وعن الموروث ومفرداته وأعلامه وباحثيه، ورغم أن هذه الإصدارات والمطبوعات الدورية يعود تاريخها إلى منتصف القرن الماضي، إلا أن مضامينها تكشف عن إحساس مبكر بقيمة التراث وعن استشعار استباقي للمشكلات والنقاشات التي يمكن أن تثار مستقبلاً بعد مرور عقود من الزمن، فضلاً عن تناول اتجاهات الكتاب والمثقفين في تلك الحقبة وربطها برصد تحولات التراث ومدلولاته.
وعرض بن صراي نماذج من تلك المجلات الرصينة التي تضمها مكتبة جامعة الإمارات، من خلال التركيز على الافتتاحية الدالة، والمحتوى المتفاعل، ومنها مجلة الفنون الشعبية المصرية، والتي صدر أول عدد منها سنة 1965، ومجلة التراث الشعبي العراقية الصادرة سنة 1934، ومجلة المأثورات الشعبية الصادرة سنة 1986، ومجلة الفن والتراث الشعبي في الإمارات التي أصبحت تحمل اسم (نخيل).
وخلال تنقله بين هذه المجلات بدءًا من الافتتاحية إلى الأعداد التي جاءت بعدها، أكد بن صراي أنه لاحظ مدى الغناء الفكري والتراثي فيها، من خلال مقالات كتبها أعلام ومثقفون كبار في العالم العربي، وهو ما يؤكد الاهتمام المبكر من هؤلاء الكتاب بهذا التراث والحرص على أن يظل حاضرًا رغم كل المعوقات.
وأما الدكتور خالد بن ققة، فقد تحدث عن "إعلام التراث: خطاب الثابت والمتحول" مستعرضاً تأملاته العميقة في الخطاب الإعلامي العربي السائد اليوم، لجهة توظيف التراث بأبعاده الثلاثة: الديني، والتاريخي، والثقافي عبر مختلف وسائل الإعلام، مشيراً إلى أن قضايا التراث أصبحت اليوم بيئة خصبة للنقاش والتداول فيما بين الناس من خلال تناولهم اليومي له، وعبر وسائل الإعلام التي تركز على عنصر التراث في مضامينها وبرامجها المختلفة، في مواقف تتسم بالحدية في النظر إلى هذا العنصر الحضاري من جهتي التقديس أو التدنيس.
ولفت إلى أن هذا الإعلام يغلب عليه الخلط بين الثابت والمتحول في التناول الإعلامي لقضايا التراث، بل الانتصار أحياناً للمتحول على حساب الثابت، لدرجة لم تعد تصورات الراهن للحياة قادرة على التحقق، أو حتى التوقع دون الاتكاء عليها، حيث طغى هوس الاتصال ولا سيما المرئي منه من حيث هو عملية تزداد وسائلها وتتسع مساحتها، وتقل نتائجها من ناحية الفائدة العامة في طريقة التعاطي مع التراث، الأمر الذي يستدعي تكثيف الجهود لضمان تبني إعلام يتناول قضايا التراث ويعيد طرحها بوعي هادف واستحضار مدروس بهدف المساءلة أو الاسترشاد على حد سواء، وفي نفس الوقت المحافظة على حالة شعورية متزنة في التعامل مع قضايا التراث.
واعتبر بن ققة أنه في حين يكون استحضار التراث عند الشعوب الأخرى -حتى لوكان مجرد أساطير أو خرافات لم تعد مقبولة حتى على سبيل الجمع بين المعلومة والمتعة- بهدف التأسيس عليها، ليس فقط لنيل اعتراف أممي بالوجود التاريخي البعيد؛ وإنما للتسليم بقوة ثقافة الحاضر، يأتي استدعاء التراث لدينا إعلاميًا كحالة خلافية تثير القلاقل وتعزز الفرقة والانقسام، حتى في الثوابت التي أثبت التاريخ صحتها النقلية والعقلية.
وفي مجال التراث الموجه للطفل، وتحت عنوان "الكتابة التراثية للأطفال" تحدث حسن آل غردقة عن توجيه التراث للأطفال وتشكيل الوعي المبكر بمخزونه الثقافي المميز للهوية والمحافظ على النسيج الاجتماعي، ورأى أن الثورة التكنولوجية الحالية خلقت ردات فعلية واستجابات متنوعة ومتناقضة، وعليه بات من الضرورة إيجاد حصن يحمي المجتمع من هذا الانفتاح المهول الذي صاحب التطور التقني، ونتيجة لما يحمله التراث من قدرة كبيرة على بناء عقلية واعية قادرة على انتقاء المفيد والنافع، وكان لزامًا على الباحثين والدارسين استحداث طرق مبتكرة لرفد الجيل الناشئ بمعززات تراثية في قالب حداثي يحقق أكبر استفادة ممكنة ويحصنهم ضد الاستلاب والركون إلى ثقافات غريبة لا تتماشى مع عادات المجتمع، وهو ما قدمه من خلال موسوعته التراثية الميسرة ذات المحتوى التراثي المتنوع والغني، والتي تواكب التطور الرقمي وتقدم بطرق مبتكرة وبسيطة التراث المحلي الإماراتي.
"التبوريدة".. فن الفروسية المغربية الخالد
من جهة أخرى، استضاف مركز التراث العربي وضمن سلسلة برامجه الأكاديمية والتعليمية الأستاذ عبدالسلام أمارير رئيس مصلحة التراث اللامادي بوزارة الثقافة بالمملكة المغربية، والذي تحدث عن فن (التبوريدة) المغربية وهو وتراث وتقليد استعراضي عريق يجمع بين الحماس والإثارة والتنافس والتشويق، ويرتبط بالعروض الفنية التقليدية للفروسية، ويقوم فيه الخيالة أو من يسمون بالباردية اشتقاقاً من كلمة البارود، بمحاكاة الهجمات العسكرية القديمة عبر العصور السابقة.
وأكد أمارير على أن التراث غير المادي للأمم والشعوب ليس مجرد ترف فكري بل حاجة وجودية تمكننا من استخلاص الدروس المهمة من هذا التراث لمواجهة التحديات المعاصرة ونوازع الإيقاع اليومي السريع، ومن ثم الاستشعار بالإنسانية في سبيل تحصين أنفسنا وأجيال المستقبل.
وأعرب المحاضر عن اعتزازه بشعار المهرجان في هذه الدور والذي يربط التراث بالمستقبل، فقال: إنه اختيار ذكي يرسخ أهمية تذكير الناس بأن التراث ليس مجرد حنين إلى الماضي ولا وسيلة جامدة للمحافظة على تراث الأجداد وإنما هو حاجة شرطية للانتقال إلى المستقبل من خلال تحصين الأجيال المستقبلية وتسلحيها بقيم الأجداد، وهو ما نراه في أيام الشارقة التراثية القائمة على فلسفة مهمة تقوم على الحفاظ وعرض التراث العالمي غير المادي وإثراء الحوار والنهوض بالتراث الشعبي والموروث الثقافي ببعيدهما المحلي والعالمي.
وقال أمارير في محاضرته إن "التبوريدة" تمارس في مختلف مناطق المغرب، وتعود أصول نشأتها إلى ما بين القرنين 15 و16 الميلاديين، واشتقت تسميتها من البارود الذي تطلقه البنادق أثناء أداء هذا الفن الجميل.
وأشار إلى أنه تم إدراج هذا العنصر التراثي المغربي في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي العالمي غير المادي في منظمة اليونسكو في ديسمبر عام 2021، وذلك خلال اجتماع الدورة 16 للجنة الحكومية الدولية لاتفاقية صون التراث الثقافي، ما يشكل اعترافاً دولياً بإرث حضاري عربي أمازيغي فريد في العالم يعتز به المغاربة كثيراً ويحرصون على نشره فيما بينهم وبين شعوب العالم.
وأضاف أنه من خلال هذا الفن التقليدي العريق نكتشف كيف نجح الأجداد في تحويل البارود من أداة قتل وعنف إلى مصدر للفرح والبهجة والسلام، لذا فهو يعكس قيم التسامح والتعايش وتبرز فيه مجموعة من خصائص الثقافة المغربية على مستوى التعابير الشفوية والحرف التقليدية وفنون العرب، منوهاً بأنه يوجد في الوقت الحاضر في المغرب أكثر من ألف فرقة فنية تمارس "التبوريدة" حيث تتضمن كل فرقة ما بين 12 إلى 20 من الخيالة والخيول، حيث يتم تكوين صف واحد من الخيول يتسابقون في خط واحد ويحرصون على إطلاق البارود من كل بنادقهم في لحظة واحدة متزامنة، ويشعر الحضور بالفرحة والإثارة التي تخلق لديهم حالة من الحالة الروحانية والوجدانية، وخصوصاً الملابس التقليدية الجميلة للخيالة الذين يرتدون الجلباب والبرنس المغربيين باللون الأبيض والحذاء الخاص أصفر اللون المسمى "التماك"، ويمتشق خنجراً وحقيبة جلد تراثية. وتختلف ألوان الملابس بحسب المناطق، ففي الجنوب والصحراء يرتدي الفرسان اللباس الصحراوي الأزرق والعمامة السوداء.
وأكد المحاضر أن إتقان هذا الفن يتطلب مهارات أساسية من الفرسان ينشأون عليها منذ طفولتهم إلى حين البلوغ من أجل التعود على التعامل مع الخيل وإنشاء علاقة نفسية متبادلة، فضلاً عن إجادة تقنيات إطلاق البارود والجري بالخيل، علماً بأنه كان مقتصراً في السابق على الرجال، ولكن انضمت إليه النساء مؤخراً وبدأت تظهر فرق نسائية مغربية تشارك في المسابقات المختلفة داخل المغرب وخارجها، كما يمارسه الأطفال الصغار ويتعلمونه في إطار عائلي، وتمارسه القبائل حالياً في مختلف المناطق المغربية سنوياً.
المتاحف الخاصة في الإمارات.. مشاريع فردية جديرة بالدعم
استضاف البيت الغربي في منطقة ساحة التراث الباحث الإماراتي محمد أحمد الحبسي، مدير إدارة الآداب بالإنابة في "دبي للثقافة"، ومؤلف كتاب (المتاحف الخاصة في الإمارات دراسة وأمثلة).
وتحدث المحاضر عن دور المتاحف الخاصة التي يقيمها المواطنون في منازلهم ومجالسهم كأداة حية في الحفاظ على الإرث الثقافي في الدولة وتعزيز الهوية الوطنية فيما بين أفراد المجتمع، معرباً عن تقديره الجم لجهود المواطنين المحبين لتراث وطنهم من خلال اقتناء الكنوز التراثية والتاريخية في المتاحف الخاصة التي تضم قطعا أثرية تعود إلى مراحل تاريخية مختلفة وتبرز عراقة المنطقة وأصالتها وتصبح شاهد عيان على حضارة المنطقة.
وركز الحبسي في محاضرته على أهم التحديات التي تواجه أصحاب المتاحف الخاصة وأهم الحلول لمعالجتها، ثم استعرض الأشكال البنائية في هذه المتاحف التي قام بدراستها من خلال بحثه الميداني وأنواع المحتويات فيها، مؤكداً أهمية وجود المتاحف الخاصة ولا سيما في عصر يتسم بوجود جوائح كوارثية ويمتلك مقومات التحول الرقمي الذكي.
واستعرض المحاضر أهم ما لاحظه في هذه المتاحف الخاصة وعلاقتها بمواكبة الرؤية الثقافية لدولة الإمارات، داعياً إلى ضرورة صقل المهارات والخبرات التوثيقية والأرشيفية لدى أصحاب المتاحف الخاصة بحيث يكونوا أكثر قدرة على تصنيف وبناء هذه الأيقونات التراثية بشكل علمي صحيح.
ولفت المحاضر إلى أنه لاحظ وجود ثلاثة اتجاهات في علاقة الجيل الحالي بما يرثونه من متاحف خاصة لآبائهم وأجدادهم، فهناك من يحافظ عليها كما هي باعتبارها تراثاً أصيلاً، ومنهم من يتخلص منها مباشرة فور انتقالها إلى ملكه، ولا يلقي لها اهتماماً، ومنهم من يعدها للاستثمار في المستقبل، فيقوم بإغلاقها دون عرضها كتراث ودون التخلص منها.