m
icon
icon
سبتمبر 22, 2022

عبدالعزيز المسلّم يثير اهتمام جمهور “ملتقى الراوي” بأساطير “الواري” و”بابا درياه”

يبدو أن حكايات البحر وأدبه وأشعاره وأمثاله وأساطيره لاتتوقف عند محطة واحدة، وإنما تمضي قدماً لتضيف محطات أخرى إلى موروثه الذي يستمد عمقه من عمق البحر نفسه، ويمضي قدماً وهو يلهم الأجيال بإضافة المزيد من الأخبار والأشعار والقصص والأغنيات والأمثال حتى تصبح أكثر الشعوب غزارة في فنون البحر أثراها تاريخاً وانجازاً وحضارة.
أدباء تراثيون عدة، التقوا على منصة ملتقى الشارقة الدولي للراوي الذي يقام بتنظيم معهد الشارقة للتراث، جمعهم حب البحر، وشغفهم بتراثه في جلسة جديدة أدارها الدكتور أحمد بهي الدين العساسي، وشارك فيها كل من سعادة الدكتور عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العليا للملتقى، في ورقة بعنوان "الواري وكائنات خرافية أخرى من البحر"، والدكتور راشد المزروعي متحدثاً عن "ابن ظاهر في الغوص"، وسلطان العميمي عن "عوالم البحر في شعر راشد الخضر"، وفاطمة المنصوري التي تحدثت عن"حكايات البحر في تراث الإمارات".
موضوعات الأساطير عادة ما تستهوي الناس قديماً وحديثاً، ولم يخل البحر من الأساطير التي أحاطت به، فقد كان له منها نصيب كبير، وهو ما بيّنه الدكتور عبدالعزيز المسلم وهو يضيء جانباً من أخبار الخراريف البحرية المتداولة في الإمارات، لا سيما (الواري) الذي يقال إنه كان يظهر للبحارة والنواخذة ويأخذهم إلى حتفهم، و(بابا درياه) الذي كان يخطف البحارة قبل العشاء ويبتلعهم، وقد أثارت هذه الأحاديث اهتمام وفضول الجمهور الحاضرين ورغبتهم بالمزيد، فأرشدهم المسلم إلى كتابه الجديد (الواري) وهو أحدث إصدارات المعهد في هذا المجال.
ومن الأساطير إلى شخصيات لمعت في تاريخ الغوص المحلي، وهنا استعرض الدكتور راشد المزروعي جوانب من حياة الشاعرالإماراتي الماجدي (ابن ظاهر) الذي تنكّر بزي شخص بسيط ونزل في شوارع عجمان يبحث عن أحد النواخذة السائرين للغوص، وقضى شهوراً يستكشف أسرار البحر برفقتهم حتى اكتشفوا أمره، وكانت هذه الرحلة وراء إنشاد الماجدي للكثير من شعره، حتى أصبحت كلماته ملهمة للبحارة، والمهتمين بشؤون البحر من شعراء وأدباء وكتاب وتراثيين.
ومن بوابة البحر نفسه، دخل سلطان العميمي ليتحدث عن عاشق بحري كبير، وشاعر قدير، هو راشد الخضر، اسم التقط من اصداف البحر ودرره ما توج به مسيرته، واصبح حديثاً للأدباء والمنشدين من بعده، وقرأ العميمي إحدى قصائد الخضر التي كتبها في رحلته البحرية من عجمان إلى رأس الخيمة، متوغلاً في بيان مفرداتها البحرية، وما بثه فيها من مشاعر جعلتها من القصائد الخالدة.
وقبل أن يسأل سائل: ما الذي يمتلكه البحر ليجعل له كل هذا الأثر الكبير في حياة الناس، ولم يؤثر في ذلك توالي العصور والأزمنة، بين الباحث محمد نور أن السر في ذلك، هو سلطة البحر على الناس، سلطة تجلت بتأثير البحر على أمزجة الشعراء وقصائدهم وطريقة عيشهم وتفكيرهم، فكيف لا يكون له كل هذا الأثر؟، وساق على ذلك عدد من الأمثلة الشعرية الماتعة.
ورأت الأديبة فاطمة المنصوري أن البحر هو من يستحق أن يوصف بالأديب المبدع، والشاعر الشهير، لأن البحر ببساطة، هو الذي كان يملي على المبدعين نصوصهم وليس العكس، وهو الذي أظهر الأدب البحري، وفنونه، فليس من المستغرب أن يكون له كل هذا الحضور، ولا كل ذلك الشغف الذي لا ينتهي.